أؤكد لك عزيزي الشرقي؛ خاصة ممن يقطنون في منطقتنا هذه المنكوبة بالخرافة والأساطير، الذي تصادفت عمليات بيولوجية أن يُكْتَب في بطاقة هويتك كلمة “ذكر”، أن الأمر على غير ما تتوهم، وأعيد على مسامعك ما سبق وكررته مرارًا “أن المرأة هي الحضارة في ذاتها ولست أنت، أنت مجرد حارس وحارس غير أمين أحيانًا، كثيرًا ما أضعت بلادك وتاريخها سواء برعونة أو عنترية كاذبة” وتفصيل ذلك؛ أنك لا تزال مسكونًا بعقلية البادية أو الغابة ولا تزال تعتقد أنك الذي تجلب الصيد والحطب لزوم الطعام، ولا تزال أيضًا تتوهم أنك الفاعل وحدك في اللقاء الحميمي أوالعملية الجنسية، وهو مايجعلها علاقة فاشلة ومنتقصة طوال الوقت.
ومع ذلك تعيش وهمًا اسمه غلبة الذكر على الأنثى والسطو على حقها، لدرجة أن البعض يرى في شهادة الدجال والعربجي وقاطع الطريق وبائع المخدرات ما يعادل شهادة اثنتين من السيدات الفضليات من حملة أعلى الدرجات العلمية وقد تكون وزيرة أو رئيسة حكومة أوملكة، لا لشيء سوى لتلك الكلمة المتوهمة التي لافضل لك فيها وهي كلمة “ذكر”!
ومهما كان من أمر هلفطاتك وتوهماتك كذكر “أهطل” أو كما صور لك قاطنو الكهوف الصحراوية، وسواء شئت أم أبيت أو تعاميت، فإن المرأة وتحديدًا في مصر وعلى مر التاريخ هي حاكمة البيت ومدبرة أموره اقتصاديا واجتماعيا وبالتالي سياسيا، وما انت الا صورة فارغة المعنى دون قرار كبيرة البيت، وهي هي كبيرة البيت وهي كبيرة العقل لذا هي الحضارة بامتياز وصانعة التقدم منذ أن كانت فتاة صغيرة وهي أختك، تذكر مدى تحضرها وفرحتها العملية حين تقوم بتيسيير استمرار علاقة حب بينك وبين جارتكم او زميلتك في الجامعة وتفرح لكما بصدق، إنها في قرارة ذاتها تفرح لاستمرار الحياة متمثلة في المحبة الحقيقية التي ستثمر عائلة أخرى، وهي لا تنتظر بالطبع أي مقابل لذلك، في الوقت ذاته ما أن كنت تسمع همسًا أن أختك تميل عاطفيا إلى فلان أو علان حتى لو لم تفصح له بذلك ولم يلتقيا، كان صديد ماترسب طوال قرون من أفضلية مزعومة لذكورتك المتوهمة، يطفح على أم رأسك وتشتعل فيك نار الشرف المدّعى، رغم أنك أعطيتك لنفسك هذا الحق منذ البدء.. ومنعته عنها بل اعتبرته فعلاً إجراميًا!
أي تخلف هذا.. وأي حضارة وحياة تلك!